تُعتبر أشعة الشمس من ضروريات الحياة، فهي تمنحنا الدفء والضوء وتساعد الجسم على إنتاج فيتامين "د". إلا أن التعرض المفرط لأشعتها، وخصوصًا الأشعة فوق البنفسجية، قد يتسبب في أضرار جسيمة للبشرة، تتراوح بين الحروق والتصبغات، وصولاً إلى الشيخوخة المبكرة وحتى سرطان الجلد. وهنا تبرز أهمية استخدام واقيات الشمس كخط دفاع أول لحماية الجلد من هذه الأضرار.
ومع تنوّع منتجات الوقاية من الشمس واختلاف مكوناتها ودرجات حمايتها، قد تجد الكثيرات صعوبة في اختيار النوع الأنسب لبشرتهن وظروف استخدامهن.
وفي هذا المقال، سنسلّط الضوء على أنواع واقيات الشمس، الفرق بينها، وكيفية اختيار المنتج الأمثل لضمان حماية فعّالة وآمنة للبشرة.
أولًا: أهمية الوقاية من أشعة الشمس
تُعد الوقاية من أشعة الشمس من أهم الخطوات للحفاظ على صحة البشرة ومظهرها الشاب، إذ إن التعرض المستمر والمباشر لأشعتها، وخصوصًا فوق البنفسجية، يُعد من أبرز أسباب تلف الجلد على المدى الطويل.1. الشيخوخة المبكرة
تؤدي الأشعة فوق البنفسجية A (UVA) إلى تلف ألياف الكولاجين والإيلاستين في الجلد، مما يسبب ظهور التجاعيد والترهلات والبقع الداكنة في سن مبكرة.2. تصبغات الجلد وفقدان النضارة
يساهم التعرض غير المحمي للشمس في ظهور الكلف والنمش وتفاوت لون البشرة، ما يجعلها تبدو باهتة ومتعبة.3. زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد
تُعتبر الأشعة فوق البنفسجية B (UVB) عاملًا رئيسيًا في إحداث تغيرات خلوية قد تؤدي إلى سرطان الجلد، وخاصة عند عدم استخدام واقٍ شمسي بشكل منتظم.4. تهيّج البشرة وتفاقم مشاكلها
البشرة الحساسة أو المعرضة لحب الشباب قد تتفاقم حالتها عند التعرض المستمر للشمس، ما يزيد من الاحمرار والالتهابات.ثانيًا: أنواع أشعة الشمس الضارة
لا تُعد جميع أشعة الشمس ضارة، لكن هناك أنواعًا منها تُحدث آثارًا سلبية مباشرة على الجلد، وخاصة الأشعة فوق البنفسجية. ومن المهم فهم هذه الأنواع لوعي أفضل بطريقة الوقاية منها.1. الأشعة فوق البنفسجية A (UVA)
تخترق طبقات الجلد العميقة.تُسبب تلف الألياف المرنة مما يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة.
تساهم في ظهور التجاعيد والبقع الداكنة.
متواجدة طوال اليوم، حتى في الأيام الغائمة.
2. الأشعة فوق البنفسجية B (UVB)
تؤثر في الطبقة السطحية من الجلد.تُعتبر السبب الرئيسي في حروق الشمس.
تلعب دورًا في تطور سرطان الجلد.
قوتها تزداد خلال ساعات الظهيرة وفي فصل الصيف.
3. الأشعة فوق البنفسجية C (UVC)
هي الأخطر من حيث الطاقة، لكنها لا تصل إلى سطح الأرض بفضل طبقة الأوزون.تُذكر فقط لأغراض التوعية العلمية.
ثالثًا: أنواع واقيات الشمس
تتعدد أنواع واقيات الشمس لتناسب احتياجات مختلفة من حيث التركيب، وطريقة العمل، ونوع البشرة. ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع رئيسية:1. الواقيات الفيزيائية (المعدنية)
تحتوي على مكونات مثل أكسيد الزنك وثاني أكسيد التيتانيوم.تعمل كمرآة تعكس الأشعة فوق البنفسجية قبل أن تخترق الجلد.
فعّالة ضد أشعة UVA وUVB.
تُعد الخيار الأفضل للبشرة الحساسة أو للأطفال.
قوامها أثقل، وتترك غالبًا طبقة بيضاء على الجلد.
2. الواقيات الكيميائية
تحتوي على مركبات تمتص الأشعة وتحولها إلى حرارة، مثل أفوبينزون (avobenzone) وأوكسي بنزون (oxybenzone).قوامها خفيف وشفاف، ما يجعلها مفضلة للبشرة الدهنية أو لمن يضعون المكياج.
تتطلب وضعها قبل 15 إلى 20 دقيقة من الخروج.
قد تهيّج البشرة الحساسة لدى بعض الأشخاص.
3. الواقيات المختلطة
تجمع بين المكونات الفيزيائية والكيميائية.توفر حماية واسعة النطاق وفعالية مزدوجة.
غالبًا ما تكون متوازنة من حيث القوام والفعالية، وتناسب أغلب أنواع البشرة.
رابعًا: أشكال منتجات واقي الشمس
لا يقتصر الاختلاف بين واقيات الشمس على المكونات فقط، بل يشمل أيضًا الشكل الخارجي للمنتج، مما يسمح لكل شخص باختيار ما يناسب نمط حياته ونوع بشرته.1. الكريم (Cream)
غني وسميك، يناسب البشرة الجافة.مثالي للمناطق الحساسة كالعينين والرقبة.
يُفضل في الشتاء أو في المناطق الجافة.
2. اللوشن (Lotion)
أخف من الكريم وأسهل في الامتصاص.يناسب جميع أنواع البشرة.
خيار جيد للاستعمال اليومي على الجسم.
3. الجل (Gel)
خفيف جدًا وسريع الامتصاص.مثالي للبشرة الدهنية أو المعرضة لحب الشباب.
يُستخدم غالبًا في منطقة الوجه.
4. البخاخ (Spray)
سهل وسريع التطبيق خاصة على الجسم.مناسب للأماكن التي يصعب الوصول إليها.
يجب التأكد من تغطية الجلد بشكل متساوٍ وعدم استنشاقه.
5. الستيك (Stick)
صغيرة الحجم وسهلة الحمل.مثالية للوجه، الشفاه، ومناطق معينة مثل الأنف والأذنين.
لا تتسبب في الفوضى وتناسب الاستخدام المتكرر.
6. البودرة (Powder)
تُستخدم فوق المكياج.مثالية للبشرة الدهنية أو لإعادة التطبيق خلال اليوم.
لا توفر الحماية وحدها، لكنها تُعزز الحماية الكاملة.
خامسًا: الفرق بين درجات الحماية (SPF وPA)
عند اختيار واقي الشمس، من الضروري الانتباه إلى الرموز الموجودة على العبوة مثل SPF وPA، لأنها تعبّر عن مستوى الحماية من الأشعة فوق البنفسجية بنوعيها.1. SPF (Sun Protection Factor)
يُقاس به مدى الحماية من الأشعة فوق البنفسجية B (UVB) المسؤولة عن الحروق الشمسية.يشير الرقم إلى عدد المرات التي يمكن للبشرة أن تتحمل فيها أشعة الشمس قبل أن تحترق مقارنة بعدم استخدام الواقي.
مثلًا:
SPF 15: يمنع نحو 93% من الأشعة UVB.
SPF 30: يمنع نحو 97%.
SPF 50: يمنع نحو 98%.
SPF +50: الحماية تصل لأعلى مستوى ممكن لكن لا تعني حماية 100%.
ملاحظة: ارتفاع SPF لا يعني أنه يدوم طوال اليوم، ويجب إعادة تطبيقه كل ساعتين تقريبًا.
2. PA (Protection Grade of UVA)
يُقاس به مستوى الحماية من الأشعة فوق البنفسجية A (UVA) المسؤولة عن الشيخوخة والتلف العميق.يُعبّر عنه برموز +PA:
PA+ : حماية منخفضة.
PA++ : حماية متوسطة.
PA+++ : حماية عالية.
PA++++ : حماية فائقة من الأشعة UVA.
سادسًا: كيفية اختيار واقي الشمس المناسب
اختيار واقي الشمس لا يجب أن يكون عشوائيًا، بل يجب أن يعتمد على عوامل متعددة لضمان فعالية الحماية وراحة الاستخدام.1. حسب نوع البشرة
البشرة الدهنية: يُفضل استخدام واقٍ بتركيبة خفيفة كـ الجل أو البخاخ، ويُستحسن أن يكون "خاليًا من الزيوت (oil-free)" وغير كوميدوجيني (لا يسد المسام).البشرة الجافة: يُنصح باستخدام واقٍ على شكل كريم يحتوي على مكونات مرطبة.
البشرة الحساسة: الأفضل اختيار واقي فيزيائي (معدني) خالٍ من العطور والمواد الكيميائية.
البشرة المختلطة: يُمكن المزج بين نوعين حسب المنطقة (كريم للجفاف، جل للمنطقة الدهنية).
2. حسب النشاط اليومي
الاستخدام اليومي العادي: يكفي SPF بين 30 و50 مع PA+++.الأنشطة الخارجية أو الرياضة: يُفضل استخدام واقٍ مقاوم للماء بتركيبة تدوم أطول.
السباحة أو البحر: يجب اختيار منتج مقاوم للماء والتأكد من إعادة التطبيق بعد الخروج من الماء.
3. حسب العمر
للأطفال: يُفضل استخدام واقيات فيزيائية، بدون عطور، وبتركيبة لطيفة.للبالغين: يمكن استخدام أي نوع حسب الحاجة، مع مراعاة نوع البشرة.
4. حسب سهولة الاستخدام والتفضيل الشخصي
بعض الأشخاص يفضلون البخاخ للسرعة، وآخرون يفضلون الستيك للسفر أو المناطق الصغيرة.من يضعون المكياج يفضلون البودرة أو اللوشن الخفيف تحت المكياج.
سابعًا: أخطاء شائعة في استخدام واقي الشمس
رغم إدراك الكثيرين لأهمية واقي الشمس، إلا أن الاستخدام غير الصحيح قد يُفقد المنتج فعاليته.1. عدم وضع كمية كافية
يظن البعض أن طبقة خفيفة كافية، لكن الحقيقة أن كمية غير كافية تقلل من فعالية الحماية.يُوصى باستخدام ما يعادل ملعقة صغيرة للوجه وملعقتين كبيرتين للجسم تقريبًا.
2. عدم إعادة التطبيق خلال اليوم
فعالية واقي الشمس تتضاءل مع مرور الوقت والتعرّق أو التعرّض للماء.يُنصح بإعادة وضعه كل ساعتين أو بعد السباحة أو التعرق الشديد.
3. استخدامه فقط في الأيام المشمسة أو في فصل الصيف
الأشعة فوق البنفسجية تخترق الغيوم وتنعكس على الأسطح حتى في الأيام الغائمة والباردة.يجب استخدامه طوال العام وليس فقط صيفًا.
4. تجاهل بعض المناطق من الجسم
غالبًا ما تُنسى مناطق مثل الأذنين، خلف الرقبة، الكفين، والشفاه.وهي مناطق حساسة وتتعرض بشكل مباشر للشمس.
5. وضعه بعد الخروج من المنزل
الواقي الكيميائي يحتاج إلى وقت ليبدأ فعاليته (15–20 دقيقة).يُفضل وضعه قبل الخروج بمدة كافية للحصول على الحماية المطلوبة.
خاتمة
تعد الوقاية من أشعة الشمس ضرورة يومية لحماية البشرة من التلف العميق والمشكلات الصحية طويلة الأمد. ومع تنوّع منتجات واقي الشمس، يبقى الوعي باختيار النوع المناسب وطريقة استخدامه هو المفتاح لحماية فعّالة. فبخطوة بسيطة كل صباح، نمنح بشرتنا درعًا يحافظ على صحتها وجمالها لسنوات قادمة.