كيف يتعامل الآباء مع الطفل كثير البكاء

 طريقة التعامل الآباء مع طفل كثير البكاء


يعتبر البكاء وسيلة طبيعية يستخدمها الأطفال والصبيان للتعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم، خاصة في السنوات الأولى من حياتهم. لكن بعض الأطفال، وخاصة الصبيان، قد يميلون إلى البكاء بشكل مفرط، مما قد يشكل تحديًا كبيرًا للآباء في فهمهم وتهدئتهم. 
في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل استراتيجيات فعّالة لمساعدة الآباء في التعامل مع الصبي كثير البكاء، مع التركيز على تعزيز التواصل العاطفي وبناء علاقة إيجابية معه.

أسباب بكاء الصبيان المفرط

لفهم كيفية التعامل مع الصبي كثير البكاء، من المهم أولاً التعرف على الأسباب المحتملة وراء هذا السلوك:

التعبير عن الاحتياجات الأساسية:
مثل الجوع، العطش، أو الحاجة إلى النوم.
الحاجة إلى الراحة الجسدية أو النفسية.
التعبير عن مشاعر غير مفهومة:
الأطفال كثيرًا ما يواجهون صعوبة في التعبير عن مشاعر مثل الحزن، الغضب، أو الإحباط.
قد يلجأ الطفل للبكاء كوسيلة بديلة للتعبير.
البحث عن الاهتمام:
قد يستخدم الطفل البكاء كوسيلة لجذب انتباه الوالدين.
هذا يكون شائعًا في حال شعر الطفل بالإهمال أو نقص الانتباه.
الشعور بالخوف أو القلق:
كالخوف من الظلام، المواقف الجديدة، أو الانفصال عن الوالدين.
الأسباب الصحية:
مثل الشعور بالألم، المرض، أو أي مشكلة صحية غير واضحة.
من المهم استبعاد الأسباب الطبية قبل البحث عن حلول تربوية.

تفهم مشاعر الطفل بدلًا من تجاهلها

التجاهل أو التقليل من شأن مشاعر الطفل يمكن أن يزيد من حدة البكاء ويؤدي إلى مشكلات في التواصل. وبدلًا من ذلك، يمكن للآباء اتباع هذه الخطوات:

إظهار التعاطف:
الجلوس مع الطفل على مستوى العين وسؤاله بهدوء: "ما الذي يزعجك ؟".
استخدام نبرة صوت هادئة لطمأنته أنك موجود لتقديم الدعم.
التعرف على مشاعره:
مساعدة الطفل على تسمية مشاعره، مثل: "هل تشعر بالغضب لأنك لم تحصل على ما تريد ؟".
تعليم الطفل أن التعبير بالكلمات أفضل من البكاء.
احترام مشاعره:
تجنب قول عبارات مثل: "لا يوجد شيء لتبكي عليه".
بدلاً من ذلك، قل: "أفهم أنك تشعر بالحزن، كيف يمكنني مساعدتك؟".

تعليم الطفل التعبير عن نفسه بالكلمات

من أهم الخطوات في تقليل البكاء هو تعليم الطفل كيفية التعبير عن مشاعره واحتياجاته بالكلمات:

تعليم مفردات المشاعر:
استخدام كلمات بسيطة لوصف المشاعر مثل: حزين، غاضب، سعيد، أو خائف.
يمكنك استخدام بطاقات أو قصص تساعده على التعرف على المشاعر المختلفة.
تشجيع الحوار:
طرح أسئلة مفتوحة مثل: "ماذا تريد أن تخبرني؟"
استخدام جمل توجيهية تساعده على التعبير مثل: "أنا حزين لأن..."
مكافأة المحاولات الناجحة:
تقديم الثناء عند استخدام الكلمات بدلاً من البكاء، مثل: "أحسنت عندما أخبرتني بما شعرت به".

خلق بيئة آمنة وداعمة

البيئة التي يشعر فيها الطفل بالأمان والدعم تساعده على تقليل الاعتماد على البكاء كوسيلة للتعبير:

الاستجابة الفورية:
الرد على بكائه بسرعة لطمأنته بأن احتياجاته مهمة.
الروتين اليومي:
وضع جدول يومي ثابت يمنح الطفل شعورًا بالاستقرار.
الهدوء والاستقرار:
تجنب الصراخ أو التوتر أمام الطفل أثناء بكائه.
توفير مكان هادئ يمكنه اللجوء إليه لتهدئة نفسه.

استخدام التهدئة الجسدية

التهدئة الجسدية تعد واحدة من أكثر الوسائل فعالية لمساعدة الطفل كثير البكاء على الشعور بالأمان والاطمئنان:

العناق:
عناق الطفل بلطف يمكن أن يساعده على الشعور بالحب والاحتواء.
هذا النوع من التهدئة يعزز الروابط العاطفية بين الآباء والطفل.
التربيت على الظهر أو الكتف:
لمسة بسيطة ومريحة مثل التربيت برفق على ظهر الطفل تعطيه شعورًا بالاطمئنان.
احتضانه في مكان مريح:
وضع الطفل في حضن الوالد في مكان هادئ يمكن أن يكون له تأثير مهدئ.
التواصل البصري:
النظر في عيني الطفل أثناء تهدئته يطمئنه بأنك تستمع إليه وتفهم مشاعره.

تعليم تقنيات التهدئة الذاتية

من المهم تدريبه على طرق تساعده في التحكم في مشاعره والتعامل مع التوتر والقلق بشكل مستقل، مما يعزز من ثقته في نفسه ويقلل من اعتماده على الآخرين. إليك طرق مفصلة لتهدئة الطفل:

التنفس العميق:
يمكنك تعليم الطفل كيف يَأخذ نفسًا عميقًا من خلال الأنف، ثم يحتفظ به لثوانٍ معدودة قبل أن يُخرجه ببطء من فمه. هذا يساعد في تهدئة الجهاز العصبي ويشعره بالاسترخاء.
يمكنك جعل العملية أكثر تفاعلًا بالعدّ أثناء التنفس. على سبيل المثال، عدّ من 1 إلى 4 أثناء الاستنشاق، ثم عدّ من 1 إلى 4 أثناء الزفير. هذا التمرين يساهم في جذب انتباهه ويركز تفكيره على التنفس.
كلما كرر الطفل هذه التقنية في مواقف مختلفة، سيتعلم كيف يتحكم في مشاعره بشكل أكثر فاعلية.
بعض الأطفال يهدأون عندما يشاركون في أنشطة حسية مثل الرسم أو التلوين. هذه الأنشطة تساعد في تصفية الذهن وتقليل مشاعر الإحباط أو القلق.
يعتبر اللعب بالعجين أو الطين من الأنشطة التي تتطلب تركيزًا حسيًا، وهي تساعد الأطفال على الشعور بالراحة والانغماس في شيء ملموس يُشغل انتباههم بعيدًا عن مشاعر الغضب أو الحزن.
يمكنك أيضًا الانضمام إليه في هذه الأنشطة لجعلها أكثر متعة، مما يساعد على تخفيف التوتر والقلق بشكل غير مباشر.
العد التنازلي:
يعد العد التنازلي من 10 إلى 1 أداة فعّالة لتهدئة الطفل. يمكنك تحفيزه على العد ببطء أثناء فترة توتره، مما يساعد على تشتيت انتباهه عن مشاعر الغضب أو البكاء.
شجّع الطفل على التركيز في العد وتكرار الأرقام بشكل هادئ. هذا يحفز دماغه على تحويل التركيز بعيدًا عن البكاء ويساعده على الشعور بالسيطرة.
يمكنك منح الطفل مكافأة صغيرة عندما يتقن العد التنازلي أو يستطيع أن يهدأ بنفسه بعد تجربته لهذه الطريقة.

وضع حدود واضحة للبكاء المفرط

بينما يجب تفهم مشاعر الطفل، من المهم تعليم الحدود للسلوك المقبول:

التوضيح:
شرح أن البكاء مسموح عند الشعور بالحزن، لكن يجب استخدام الكلمات عند الغضب أو الإحباط.
البدائل:
تقديم خيارات مثل: "بدلًا من البكاء، هل يمكنك إخباري بما تحتاج؟"
الثناء على السلوك الإيجابي:
تعزيز سلوك التعبير بالكلمات من خلال المكافآت أو العبارات الإيجابية.

استخدام القصص والألعاب كوسيلة تعليمية

يمكن للقصص والألعاب أن تلعب دورًا كبيرًا في تعليم الطفل كيفية التعامل مع مشاعره:

قصص عن المشاعر:
اختيار قصص تظهر شخصيات تتعامل مع مشاعر مشابهة لتجربة الطفل.
الألعاب التفاعلية:
ألعاب مثل تمثيل المشاعر أو استخدام البطاقات الملونة لتوصيف الحالة العاطفية.

تعزيز التواصل الإيجابي بين الآباء والطفل

يساهم التواصل الجيد في تحسين ثقة الطفل بنفسه وتقليل اعتماده على البكاء في المواقف الصعبة. 

التواصل اليومي:
- تخصيص وقت للحديث: من المهم تخصيص وقت يومي للحديث مع الطفل عن يومه، سواء كان في الصباح أو قبل النوم. يمكن للحديث الهادئ أن يساعد الطفل على التعبير عن مشاعره والتفكير في تجاربه، مما يعزز شعوره بالراحة.
- السؤال عن مشاعره: يمكن للآباء أن يسألوا الطفل أسئلة مفتوحة مثل "كيف كان يومك اليوم؟" أو "ماذا شعرت عندما حدث ذلك؟" لتشجيعه على التعبير عن نفسه.
- تعزيز الصدق والتفاهم: من خلال التحدث بانتظام، يشعر الطفل أن هناك شخصًا يهتم بما يحدث في حياته ويمنحه الفرصة ليشعر أنه مسموع ومفهوم.
الاستماع الفعّال:
- الإنصات الكامل للطفل: الاستماع الفعّال يعني التركيز على ما يقوله الطفل دون مقاطعة. يجب على الآباء أن يظهروا اهتمامًا حقيقيًا بكلمات الطفل، مما يعزز شعوره بالثقة في التعبير عن مشاعره.
- التفاعل مع الطفل: عندما يتحدث الطفل، يمكن للآباء استخدام تعبيرات وجهية مهتمة أو حركات جسدية مثل إيماءات الرأس أو الابتسامة لتشجيع الطفل على الاستمرار في الحديث.
- عدم الحكم أو الاستهزاء: في حال تحدث الطفل عن مشاعره أو مخاوفه، يجب على الآباء أن يتجنبوا الحكم عليه أو السخرية مما يقوله. يجب أن يشعر الطفل أن مشاعره محترمة ومقبولة.
التعبير عن الحب والدعم:
- استخدام العناق: العناق يعد من أكثر طرق التعبير عن الحب التي توفر للطفل شعورًا بالأمان والراحة. يمكن أن يكون العناق وسيلة فعالة لتهدئة الطفل عندما يشعر بالضيق أو الحزن.
- العبارات الداعمة: يجب على الآباء استخدام كلمات تشجيعية وداعمة بانتظام مثل "أنا هنا من أجلك"، "أنت قوي وقادر على التعامل مع هذا"، و"أنا فخور بك". هذه العبارات تعزز من ثقة الطفل بنفسه وتجعله يشعر بالحب والدعم المستمر.
- التشجيع الإيجابي: عند مواجهة الطفل تحديات أو صعوبات، يجب على الآباء أن يشجعوه على بذل أفضل ما لديه بدلاً من التركيز على الأخطاء. هذا النوع من التشجيع يعزز من مرونته النفسية ويعطيه قوة لمواجهة المواقف الصعبة.

متى تطلب المساعدة المهنية؟

في بعض الحالات، قد يكون البكاء المفرط مؤشرًا على مشكلة أعمق تتطلب تدخلًا مهنيًا:

علامات القلق:
إذا كان البكاء مستمرًا ومصحوبًا بمشاكل أخرى مثل اضطرابات النوم أو العدوانية.
التواصل مع المتخصصين:
استشارة طبيب أو مختص في علم النفس للأطفال لتقديم توجيه إضافي.

خاتمة

تعامل الآباء مع الصبي كثير البكاء يتطلب فهمًا عميقًا لاحتياجاته النفسية والعاطفية، إلى جانب استخدام استراتيجيات تربوية فعالة. من خلال التفهم، توفير الدعم، وتعليم مهارات التعبير عن المشاعر، يمكن للآباء مساعدة أطفالهم على تطوير مهارات تواصل صحية تعزز من ثقتهم بأنفسهم. 
وفي النهاية، إن الحب والصبر هما الأساس في بناء علاقة قوية وداعمة مع الطفل.
تعليقات